باريس- “القدس” دوت كوم- (أ ف ب)- إستيقظت باريس الأحد في حالة صدمة غداة التظاهرات العنيفة التي ضربتها، فنزل كثير من الباريسيين إلى الشوارع لمعاينة الأضرار التي تركها المتظاهرون، وراوحت ردود فعلهم بين الغضب تارة، وبعض التفهم تارة أخرى لأسباب هذه الإحتجاجات.
وكانت الأضرار واضحة بشكل خاص على طول جادة “لا غراند أرميه” قرب مستديرة قوس النصر، من حيث بدأت المواجهات التي أوقعت أكثر من 133 جريحا وأدت الى اعتقال نحو 400 شخص.
السيارات والدراجات النارية المتفحمة كانت لا تزال صباح الاحد في الشوارع، وحولها تشاهد كثير من واجهات المحال المحطمة، في حين تتوزع بقايا القنابل المسيلة للدموع على الشوارع والأرصفة.
وعادت الحركة مجددا الأحد الى محيط قوس النصر، وشوهد كثير من الحشريين والسياح وهم يتجولون في جادة الشانزيليزيه الشهيرة ويلتقطون الصور.
وهتف أحد السياح موجها كلامه الى عناصر قوت الأمن “حسنا فعلتم البارحة”.
وقالت امرأة فرنسية لمراسلة فرانس برس “جئت الى هنا لأنسى الصور التي رسخت في ذهني من البارحة. الأمر كان فظيعا، أريد أن أرى الحياة الطبيعية وقد عادت الى الشانزيليزيه. أنا بالفعل خائفة على بلدنا الجميل”.
وقبيل وصول الرئيس إيمانويل ماكرون الى المكان توزعت سيارات لقوات الأمن حول نصب قوس النصر، إلى جانب سيارات الصيانة والتنظيف الخضراء التابعة للبلدية.
وشرع عمال البلدية في غسل الأرض بخراطيم المياه، وكانت الشعارات المكتوبة على قوس النصر لا تزال واضحة، فقام عدد من المحققين التابعين للشرطة بأخذ صور لها قبل إزالتها. ومن بينها “إنها نهاية النظام”، و”السترات الصفراء سينتصرون”، و”نعمل لقلب البورجوازية”.
وفي شوارع أخرى من وسط وغرب العاصمة التي شهدت مواجهات، كان الوضع مشابها وانتشر عمال البلدية لتصليح ما تخرب وتنظيف المكان.
وشوهدت العديد من المحلات التجارية وقد أبقت ألواح الحماية أمام واجهاتها بعدما وضعتها لمنع التكسير والسرقات.
وفي جادة كليبير المجاورة للشانزيليزيه، تقدمت أعمال التنظيف سريعا فنظفت الأرصفة بشكل شبه كامل، وأنهت رافعات ضخمة إزالة بقايا السيارات المحترقة من وسط الجادة.
وقالت امرأة من سكان الدائرة ال16 الراقية وهي بلباس الرياضة “الأمر غير معقول! كيف يمكن الوصول الى هنا والسماح بحصول هذا القدر من العنف؟” قبل أن تضيف “من سيدفع؟ الأغنياء!”.
وسرعان ما دخلت الجادة سيارات عدة لقوات الأمن وتوزعت في أنحائها في انتظار وصول رئيس البلاد.
وفي حي الأوبرا شرقا الذي تضرر أيضا ولكن بنسبة أقل، شوهد عمال التنظيفات والصيانة وهم يعملون على إزالة الركام وبقايا السواتر التي رفعت وأقفلت مداخل بعض الشوارع المجاورة.
وقام عاملان بإزالة ألواح وضعت أمام محل لبيع القهوة لحمايته، ليتبين لهما أنه لم يصب بضرر. وكان الشعار المكتوب على الألواح “الرأسمالية ترتعش”.
أما المخازن الكبرى المعروفة باسم “غاليري لافاييت” فتبين أن واجهاتها لم تصب بأذى، وبدت زينة الميلاد واضحة فيها.
في منطقة “التويلوري” كان السياج الحديدي للحديقة لا يزال على الأرض، وكان سقط السبت على أحد المتظاهرين فأصابه بجروح بالغة.
جوسلين أستاذة الأدب المتقاعدة كانت تتسكع في المكان لتفقد الأضرار. قالت “أشعر بالأسى لما حصل، إلا أنني في الوقت نفسه أجد أن هناك مطالب محقة، والتفاوت في المستويات الاجتماعية كارثي، لم يتغير شيء منذ 40 عاما، لا بد بالفعل من تغيير جذري”.