الركود يضرب موسم رمضان في أسواق غزة
 
 
الركود يضرب موسم رمضان في أسواق غزة
 
 

ألقى التدهور الاقتصادي الحاد في قطاع غزة لا سيما على أثر خصم رواتب موظفي السلطة الفلسطينية فيه بظلال قاتمة على استعدادات حلول شهر رمضان والحركة التجارية فيه بحيث تشهد الأسواق المحلية ركودا قياسيا.

اشتكى تجار خلال جولة لموقع “بوابة اقتصاد فلسطين”، حتى الساعات الأخيرة لاستقبال شهر رمضان، من أنهم يواجهون ركودا اقتصاديا وضعفا كبيرا في القدرة الشرائية لدى المتسوقين خاصة أن هذا العام  صادفت بداية الشهر الفضيل في الأيام الأخيرة من الشهر وفي ظل أوضاع اقتصادية صعبة للغاية.

وقال محمد مسلم صاحب محل تجاري في سوق “الشيخ رضوان” الشعبي في غزة إن أغلب ما جهزه من مستلزمات شهر رمضان مثل التمور والأجبان وقمر الدين والعصائر ما تزال كمياتها على حالها تقريبا ولم يبيع سوى أقل من 10% منها.

وذكر مسلم أن الحركة التجارية تشهد تراجعا كبيرا حتى مقارنة بالأعوام الماضية بسبب قلة مستويات الدخل المالي للعائلات واعتماد الميسورة منها على صرف الرواتب الحكومية والتي تستقبل شهر رمضان لهذا العام بأزمة الخصومات الأخيرة.

وقررت حكومة الوفاق منذ شهرين الخصم على رواتب موظفي السلطة الفلسطينية بنحو 30% بما يشمل العلاوات في إجراء بررته بما تواجه من تراجع كبير في المساعدات الدولية والآثار “الكارثية” لاستمرار الانقسام الداخلي.

وقال مختصون اقتصاديون إن هذا الإجراء الحكومي لم يؤثر فقط على نحو 50 ألف موظف وعائلاتهم في غزة بقدر ما ألقي بظلاله على النشاط الاقتصادي العام المتعثر اصلا في القطاع جراء سنوات الحصار الإسرائيلي والحروب المتتالية.

وأظهر سعيد حميد حالة من الإحباط الشديد جراء ضعف الإقبال على بسطته الكبيرة المخصصة لبيع المخللات بكافة أنواعها وهو يشتكي من قلة مستويات البيع، مشيرا إلى أن العائلات تكتفى بما تشتريه بأهم الأولويات بما يوفر أساسيات وجبات الطعام لأبنائها فقط.

أما الشاب حسن الريفي فأظهر إحباطا أكبر وهو يقف خلف بسطة كبيرة لبيع زينة شهر رمضان خاصة الفوانيس صينية الصنع التي تباع بأسعار زهيدة تبدأ من شيقل إسرائيلي واحد وحتى عشرة شواقل.

وقال الريفي إن معظم رواد السوق يطلب أبنائهم منهم شراء فوانيس لكن قليلون منهم يستجيبون لهم ومن يقرر الشراء يختار أرخص الأنواع، مضيفا أنه اعتاد سنويا على بيع زينة رمضان منذ خمسة أعوام وهذا العام الأضعف الذي يشهده في قلة معدلات البيع.

وطغت أجواء الركود على المشهد في الأسواق الأخرى الرئيسية في غزة في وقت عمد فيه أصحاب المحلات التجارية الكبيرة إلى الإعلان عن حملات لتخفيض الأسعار أملا في جذب أعداد أكبر من المتسوقين.

وقال أحد هؤلاء سلمان عبد الرحيم إن مختلف بضائع مستلزمات شهر رمضان مكدسة بكثيرة داخل الأسواق من كل الأصناف إلا أن إقبال الزبائن ضعيف ومحدود جدا على الشراء رغم طبيعة احتياجات شهر رمضان المتعددة.

وأضاف أنهم يتوقعون أن تنتعش الحركة التجارية على غير العادة بعد أسبوع من بدء شهر رمضان عندما يتلقى الموظفون رواتبهم، لكنهم لا يعولون الكثير بسبب أزمة الخصومات وما تعانيه عائلات الموظفين من أعباء مالية متزايدة أصلا.

واعتادت العائلات في قطاع غزة على التحضير لشهر رمضان قبل أيام عديدة من حلوله، خصوصاً شراء مستلزمات السحور وتخزين المواد الغذائية القابلة للتخزين من معلبات وغيرها.

وحذر اقتصاديون على مدار الأسابيع الأخيرة من معاناة قطاع غزة المحاصر إسرائيليا منذ عشرة أعوام من خلل كبير في حركة دوران السيولة النقدية ونقصها من أسواق غزة ما دفع بتفاقم الأوضاع الاقتصادية والمزيد من الركود التجاري وتراجع في القوة الشرائية المعدومة أصلا.

كما أدى ذلك إلى ارتفاع معدلات البطالة المرتفعة أصلا والأعلى عالميا في قطاع غزة والتي تجاوزت أكثر من 43% وأكثر من 200 ألف شخص عاطل عن العمل، وارتفاع معدلات والفقر التي تجاوزت 65%.

وبناء على المعطيات المذكورة وصف ماهر الطباع مدير العلاقات العامة والإعلام في غرفة تجارة وصناعة محافظة غزة، بأن شهر رمضان الكريم لهذا العام يحل في ظل أسوء أوضاع اقتصادية ومعيشية تمر بقطاع غزة منذ عقود.

ويبرز الطباع أن معدلات الاستهلاك ترتفع لدى المواطنين في شهر رمضان مما يشكل عبئا اقتصاديا إضافيا على كاهل المواطنين محدودي ومعدومي الدخل بسبب زيادة الاحتياجات وتتضاعف المصاريف من خلال الموائد الرمضانية المختلفة والتزاماتهم الاجتماعية.

ويضيف أن أسواق غزة تشهد مع حلول شهر رمضان حالة من الكساد والركود الاقتصادي في كافة الانشطة الاقتصادية وأهمها القطاع التجاري الذي يعاني من ضعف في المبيعات نتيجة لضعف القدرة الشرائية.

وينبه الطباع إلى أن استمرار الوضع على ما هو عليه سيكبد التجار والمستوردين ورجال الاعمال خسائر فادحة في الفترة القادمة خصوصا من يتعاملوا بالبضائع الموسمية الخاصة بشهر رمضان والأعياد ولن يستطيعوا تغطية مصاريفهم الجارية الثابتة نتيجة انخفاض مبيعاتهم اليومية، فيما تزداد الأمور تعقيدا مع أزمة الكهرباء الطاحنة الخانقة التي يعانيها القطاع.

وفي السياق ذاته يؤكد مدير عام حماية المستهلك في قطاع غزة رائد الجزار لموقع “بوابة اقتصاد فلسطين”، أن القطاع “يمر بأحلك الظروف غير المعهودة منذ عدة عقود بسبب الحصار الإسرائيلي وأزمة انقطاع الكهرباء إلى جانب خصم رواتب الموظفين الحكوميين والمعدلات القياسية للبطالة والفقر”.

ويقول الجزار إن كافة التقارير الواردة إليهم تؤكد أن حالة الأسواق المحلية في قطاع غزة تشهد عروض لكافة أصناف البضائع بمعدلات عالية في مقابل مستويات شراء محدودة وهو ما دفع بالتجار لتخفض الأسعار للحد الأدنى من هامش الربح الممكن لديهم.

وبشأن دورهم في تأمين بضائع مستلزمات شهر رمضان، يقول الجزار إنهم وضعوا خطة منذ شهرين تشمل جميع المكاتب الفرعية لمباحث التموين في قطاع غزة وستتضمن إجراء جولات تفقدية يوميا على الأسواق والمحلات التجارية للمراقبة المكثفة على بضائع الشهر الفضيل.

وفيما يؤكد أن جميع السلع التي تدخل قطاع غزة تخضع للمراقبة المشددة وبحسب المواصفات الفلسطينية، فإن الجزار حث المواطنين على الانتباه لحالات سوء عملية التخزين لبضائع شهر رمضان، خصوصا ما يتعلق بالتمور التي عادة ما تثير الجدل في غزة بسبب تداول كميات تالفة، موضحا أن القطاع يستهلك ما يزيد عن ألف طن من التمور من كل الأنواع خلال شهر رمضان.

 
 

أضف تعليقك