يوضح المحلل الاقتصادي ورئيس قسم الاقتصاد بجامعة الأزهر الدكتور سمير أبو مدللة، أن معظم الدول في العالم تعتمد على الضرائب كمصدر دخل لها، كفواتير المقاصة التي يتم فرضها من قبل الجانب الإسرائيلي وتحويلها للجانب الفلسطيني، والتي تمثل ما يقارب 60% من نفقات السلطة الفلسطينية، وما يزيد عن 50% من إيراداتها.
ويبين د. أبو مدللة، أن أموال المقاصة تبلغ سنوياً نحو ملياري دولار، أي بمتوسط 170 مليون دولار شهرياً، وبالتالي فإنها تشكل أهمية كبيرة في الاقتصاد الفلسطيني.
ويؤكد، أن بعض التجار يقومون بإبرام اتفاقيات مع تجار الاحتلال الإسرائيلي، من أجل تزوير قيمة الفواتير الحقيقية، وإدخال بضائع جديدة على أنها قديمة من أجل تخفيض العائد الضريبي، وأن تلك المحاولات تكون في صالح الجانب الإسرائيلي، فتضيع عائداتها على السلطة الفلسطينية.
وتُقدر أموال السلطة الضائعة بفعل تزوير الفواتير والتهرب الضريبي، بنحو 500 مليون دولار، أي ما يعادل نصف مليار دولار سنوياً، كما يؤكد د. أبو مدللة.
ويكشف، أن من يتحمل مسؤولية ضياع نصف مليار دولار سنوياً، نتيجة التهرب الضريبي، هو الاحتلال الإسرائيلي بالدرجة الأولى.
ويضيف: “إذا تمت السيطرة على الأموال الضائعة بفعل التزوير، فإنها ستساهم في زيادة الناتج المحلي وحل جزء من أزمة الرواتب والمتعطلين عن العمل”.
ويتابع: “يجب أن يكون هناك لجان مختصة تتمتع بالشفافية والمعرفة الحقيقية لأسعار البضائع التي تدخل للجانب الفلسطيني من أجل الحد من عمليات التزوير المستمرة، كما يجب أن تكون هناك عقوبة تردع كل من تسول له نفسه بتزوير الفواتير، لأنها تعمل على إهدار مبالغ ضخمة من المال العام على السلطة الفلسطينية”.
من جانبه، يؤكد الخبير والمحلل الاقتصادي، الدكتور أسامة نوفل، أن السلطة الفلسطينية تخسر من 500-600 مليون دولار سنوياً، نتيجة التهرب الضريبي، والسبب تعدد المنافذ التجارية بين الاحتلال الإسرائيلي وأراضي السلطة الفلسطينية في الضفة المحتلة، فمن خلالها يتم تهريب العديد من البضائع عبر تلك المنافذ، في ظل عدم قدرة السلطة الفلسطينية على التحكم بها.
ويبين د. نوفل، أن الاحتلال الإسرائيلي هو المستفيد الأكبر من التهرب الضريبي، لأن السلطة الفلسطينية لن تستطيع مطالبة الجانب الإسرائيلي بإرجاع قيمة الضريبة، لأنها لا تمتلك أي وثائق ورقية تثبت أحقيتها بالعائدات الضريبية.
ويكشف، أن التهرب الضريبي، يؤثر سلباً على الاقتصاد الفلسطيني، فهو يعمل على انخفاض عائدات السلطة الفلسطينية في مجال ضرائب المقاصة، وانخفاض في الناتج الفلسطيني بشكل ملحوظ.
ويضيف: “في حال ضبطت السلطة الفلسطينية كافة فواتير المقاصة المهربة من قبل التجار، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى انخفاض معدل العجز المالي لدى خزينة السلطة، وتشغيل المتعطلين عن العمل والخريجين من خلال مشاريع تشغيلية تنفذها وزارة العمل الفلسطينية”.
بدوره، يؤكد المحلل المالي، أمين أبو عيشة، أن السلطة الفلسطينية من خلال الإيرادات العامة التي تجبيها سواءً أكانت متعلقة بقيمة الضرائب المحلية، متمثلة في ضريبة الدخل، أو المشتريات أو المبيعات، فإنها تحصل ما قيمته 31% من أموال الإيرادات العامة.
ويبين أبو عيشة، أن عملية التهرب الضريبي متعلقة بضريبة الدخل، وضريبة القيمة المضافة، على اعتبار أن السلع التي تدخل إلى قطاع غزة، أو الضفة المحتلة، يتم من خلالها احتساب جانبي الإيرادات الضريبية، سواء ضريبة الدخل أو القيمة المضافة.
ويوضح، أن قيمة المبلغ المهدر من التهرب الضريبي نحو 500 مليون دولار، تخسره ميزانية السلطة سنوياً، ويجب أن يكون هناك ضبط لعملية التهرب الضريبي من خلال عدة إجراءات أبرزها: التدقيق الجيد لقيمة الفواتير الضريبية المتعلقة بالبيان الضريبي الذي يقدمه المُكلف الضريبي، الذي يستورد سلعة أو خدمة معينة.
ويضيف: “من أشكال التهرب الضريبي، أن بعض التجار في الضفة المحتلة يستوردون سلعاً وبضائع من الخارج بأسماء مستوردين إسرائيليين، وليس فلسطينيين، وفي نهاية المطاف تصل البضائع إلى التجار الفلسطينيين، وتذهب العائدات الضريبية عن تلك الأموال إلى خزينة الاحتلال الإسرائيلي”.