الأيام 28-9-2012-2
رام الله: لقاء في “ماس” يناقش التعديلات الأخيرة على الترتيبات التجارية في اتفاق باريس الاقتصادي
رام الله – “وفا”: قال رئيس مجلس الإيرادات الضريبية في وزارة المالية يوسف الزمر، “لا يوجد اتفاق موقع بين وزارتي المالية الفلسطينية والإسرائيلية حتى الآن، بخصوص ما اتفقت عليه اللجان الفنية، وأن كل ما جرى هو تبادل رسائل بين الجانبين”.
وأضاف الزمر الذي كان يتحدث على طاولة معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني “ماس”، أمس، حول “التعديلات الأخيرة على الترتيبات التجارية في اتفاق باريس”، والمقرر أن يبدأ تنفيذها مطلع العام المقبل، أن اللجان التي تم تشكليها ستبدأ التباحث للوصول إلى اتفاق في 16 من الشهر المقبل”.
وأوضح أن هذه اللقاءات لها طابع فني بهدف الوصول إلى حلول تقنية خاصة بموضوع المقاصة ومنطقة التخليص الجمركي، وهذه المباحثات لا طابع سياسياً لها، ولا تستهدف تعديل اتفاق باريس، وإنما إعادة الاتفاق وتفعيل مواد واردة في الاتفاق.
وبيّن الزمر أن هذه اللقاءات واللجان الفنية، “تستهدف تعظيم الإيرادات والحصول على حقوقنا الضريبية التي تتسرب، وتصل نسب التسرب حسب تقديرنا لحوالي 30% من الإيرادات الضريبة الفلسطينية”.
وأشار إلى أن هذه الترتيبات تخص حساب مقاصة الجمارك وضرائب المشتريات والقيمة المضافة، ومناطق تخليص جمركي فلسطينية، ومد أنبوب لنقل المحروقات.
وكان الزمر أحد المشاركين في لقاء “ماس” الذي قدم ورقة عمل تناقش عددا من القضايا عرضها مدير وحدة الدراسات نعمان كنفاني في مداخلته لنقاشها، ومنها: إلى أي مدى تساهم الإجراءات الجديدة في تقليص “التسرب المالي” وفي تسهيل الانسياب التجاري وتخفيض كلفة المستوردات؟ وهل الجوانب التي تم تعديلها مهمة فعلا وذات أولوية؟
كما تتساءل الورقة عن ربط هذا الاتفاق مع الدعوات الرسمية والشعبية لإعادة التفاوض؟ وما هي تبعات إجراء المفاوضات من خارج ‘اللجنة الاقتصادية المشتركة’؟، وما هي مثالب تأسيس لجنة إضافية لمتابعة تنفيذ الترتيبات الجدية؟ وما هي التبعات السياسية الفلسطينية’ الضمنية’ على مواقع بوابات العبور (16 معبرا)؟ وما هي البوابات التي تقع داخل الأرض الفلسطينية والتي تعتبرها إسرائيل بمثابة ‘حدود’ بينها وبين الفلسطينيين؟
وقال الزمر: “تم الاتفاق على أن تظل اللجنة الخاصة بالنظر بالمقاصة (تجتمع مرتين في الشهر)، على ذات المستوى من التمثيل بين الجانبين، وهي لجنة مشكلة منذ العام 1994 حتى اليوم، ولا يوجد هناك أي استحداث للجان جديدة، لبحث كل القضايا المالية العالقة، وآلية تحويل الأموال، والعمل على ربط نظام الجمارك الفلسطيني بنظام الجمارك الإسرائيلي لتسهيل الحصول على المعلومة، والمحاسبة على أساس البيان الجمركي ليس على أساس الفواتير كما هو قائم، وستظل الفواتير للرقابة والتأكد من التزام الجانب الإسرائيلي بتزويدنا بالمعلومة.
وأضاف: “تحصيل مجموعة من الإيرادات ما زالت عالقة بيننا وبين الجانب الإسرائيلي وتم حصرها في 14 قضية منها: رسوم المعابر، والتأمين على العمال في الداخل، والضرائب المضافة لقطاع الاتصالات الإسرائيلي في مناطقنا، وشركات التأمين ، ويجري بحثها ومحاولة حلها منذ شباط 2011، وتم التوصل لاتفاقات بشأن بعضها”.
وفيما يخص منطقة التخليص الجمركي والتي سيتم فيها تخزين وتخليص البضائع، أوضح الزمر “حتى اللحظة لم يتم تحديد شيء وكل ما اتفقنا بشأنه فقط هو إيجاد منطقة تخليص جمركي (ميناء بري)، ولم يتم تحديد المواقع التي ستكون فيها مناطق التخليص الجمركي الأربعة المقترحة، ورفضنا أن تكون مناطق التخليص الجمركي على المعابر”.
وبين أن وزارة المالية انتهت الأسبوع الماضي من تشكيل الفريق الخاص بمنطقة التخليص الجمركي، وستعقد أول اجتماع لها يوم الأحد المقبل، ولم يتم تحديد الآلية لكيفية حصر البضائع الداخلة للسوق.
وأكد الزمر أن إسرائيل أعطت موافقة مبدئية على منطقة التخليص الجمركي تحت ضغط دولي، وقال: “الشيطان يكمن في التفاصيل، لكن إذا ما أحسنا إدارة منطقة التخليص الجمركي فسنساهم في تعظيم الإيرادات، وإذا لم نحسن سيكون هناك نتائج سلبية خاصة وان 60% من أراضينا مصنفة على أنها مناطق “ج”.
ولفت إلى عرض من الجانب الإسرائيلي لوزارة المالية لتأجير قطعة أرض عند ميناء أسدود، وقال “رفضنا ذلك من اجل أن يستفيد التجار من خلال المخازن التي يتم إنشاؤها لتخزين البضائع لحين تخليصها، وناقشنا مع التجار السلبيات والايجابيات ليتم نقاشها في اللقاءات”.
وحول مد أنبوب لنقل مشتقات البترول، قال الزمر: “هذا الموضوع مهم جدا، وحسب برتوكول باريس الاقتصادي من حق السلطة الشراء من الخارج، وعندما بحثنا موضع البترول بالتفاصيل تبين لنا احتكار شركة حكومية في إسرائيل لهذه الأنابيب داخل إسرائيل، وترتبط مباشرة بالسفن الناقلة للنفط، والهدف من الأنبوب ليس توصيل النفط من الشركات الإسرائيلية، وإنما الاستفادة من شراء البترول من الأسواق العالمية أو استقبال الهبات منه بمخزون استراتيجي يصل لمدة شهر”.
وأضاف: “يمكن لنا استقبال هذا وتخزينه في أكثر من منطقة، لأن خطوط الأنابيب تمتد من شمال إلى جنوب إسرائيل، وليست بعيدة عن مناطقنا، وتوجد نقاط قريبة من رام الله وبيت لحم، ومنطقة ترقوميا، وجنين والأنبوب واحد يتم فيه ضخ كل مشتقات البترول، وهذه الطريقة أرخص إذا ما قارنا ذلك مع استيراده عبر الشاحنات من الأردن عبر ميناء العقبة”.
بدوره، قال رئيس ملتقى رجال الأعمال محمد الحرباوي: “اتفاق باريس الاقتصادي تضمن بنودا واضحة بكل القضايا المطروحة، ولم يجر تطبيقها من قبل، والمباحثات بشأن هذه القضايا لا تحمل جديدا ولا تعديلا في اتفاق باريس الاقتصادي”.
ورأى الجرباوي أنه إذا ما جرى الاتفاق على تنفيذ هذه القضايا كما تراها وزارة المالية، فإن من شأن ذلك أن يؤثر على البيئة التنافسية في السوق الفلسطينية لمصلحة المستهلك، وعلى العدالة في توزيع العبء الضريبي والسماح للمنتج الفلسطيني بالمنافسة، لافتا إلى انخفاض كلفة المنتج الصناعي في إسرائيل بنسبة 25% عن المنتج الفلسطيني، بسبب عدم إخضاع المحروقات لصالح الصناعة للضرائب.
وأشار إلى معاناة التجار في عدد من القضايا، وأبرزها تطبيق المواصفة الإسرائيلية وقدرة التاجر الإسرائيلي على إخراج بضاعته من الميناء قبل الحصول على موافقة المواصفات والمقاييس، في حين لا يستطيع التاجر الفلسطيني القيام بذلك إلا بعد الحصول على أذن المواصفات والمقاييس، وتأخيرها بسبب الفحص الأمني في الموانئ ودفع بدل تخزين، ما يؤثر على سعر السلعة وعلى قدرتها التنافسية مع السلع المستوردة مباشرة من إسرائيل، ما يدفع التاجر الفلسطيني للوكيل الإسرائيلي.
وعن الآثار السياسة لمثل هكذا خطوة، بين الجرباوي، أن كل المعابر لا تقع على خط الهدنة لعام 1967، وهو السبب الرئيس لعدم تعامل السلطة معها .
من جهته، شدد المستشار الاقتصادي والتجاري لممثل اللجنة الرباعية (ساهمت في تسهيل الحوار حول هذه القضايا) بدر روك، على أن موضوع المعابر مهم جدا، والجانب الفلسطيني يتعامل معها بشيء من الواقعية لتسيير الحركة التجارية وحركة المواطنين، وهو ما أكده قرار مجلس الوزراء في 29/11/2010، والمعابر والحدود الخاصة بالدولة الفلسطينية تحددها الاتفاقيات السياسية وفق الشرعية الدولية.
وأضاف: “في مفاوضات الرباعية مع الجانب الأميركي أقر أن هذه المعابر هي معابر تجارية، والتعامل معها لا يعتبر موافقة أو تنازلا فلسطينيا عنها”.
وقال: “الدمج الاقتصادي الإسرائيلي الفلسطيني اليوم هو ليس ذاته الذي كان عام 2004، ولا بد من إعادة النظر في اتفاق باريس الاقتصادي بإلغائه أو تعديله، فالمسميات مهمة جدا ولكن الأهم هو الفحوى”.
وأضاف: “الجانب الفلسطيني وضع 14 نقطة موجودة في اتفاقية باريس الاقتصادية لإعادة النظر فيها، ما يستوجب تحضيرات كبيرة وخطة كبيرة، والرباعية لا تتدخل في مثل هذا الحوار بل في تسهيله وتفعيله”.
وأشار إلى أن انقطاع الحوار يؤثر على الجانب الفلسطيني لأنه الأضعف ولكن يجب أن نكون على وعي حقيقي، ماذا نريد من تغيير أو تعديل الاتفاقيات؟”.
وفتح الباب أمام المداخلات والتساؤلات، وبدا عدد منها على غير اتفاق مع التوجه، واعتبرته نوعا من التفاوض على اتفاق باريس الاقتصادي.
وقال ماهر المصري كخبير خاض المفاوضات الاقتصادية في كامب ديفيد وبعدها: “بغض النظر عما سماها الزمر من تفاهمات حول قضايا معينة وقضايا أخرى قيد النقاش، الموضوع أكبر من ذلك ويخص اتفاقية باريس الاقتصادية والتعديلات عليها، وهي جزء مما تم الاتفاق بشأنه في مفاوضات كامب ديفيد وما بعده عام 2000، وهي أمور لا تتعلق بموضوع المقاصة، بل تخص وزارة الاقتصاد ولا تخص الإيرادات لأنها ليست عصب الحياة في فلسطين، وما طرح هو تعديل لاتفاق باريس، والسؤال الذي يجب أن يطرح هل هناك قرار سياسي على مستوى السلطة لتعديل اتفاق باريس؟”.
وأضاف: “القطاع الخاص على لسان حرباوي أيد ما طرحته وزارة المالية مع تبسيطه، والاتفاق مع إسرائيل لا يعني تنفيذه، ووجود معابر ومناطق تخليص جمركي لا يعني أن السيطرة الإسرائيلية انتهت، فالفحص الأمني يبقي سيطرة إسرائيل عليه، متسائلا هل السلطة بهذا المعنى تقبل بنوع من الحدود المؤقتة في حين ترفض الحلول المؤقتة؟”.
واستغرب موقف الرباعية بعدم موافقة الأميركان على هذه المعابر، وتساءل هل قام الأميركان بتطبيق ابسط المبادئ التي تم الاتفاق عليها في العام 1994؟ وقال: “على السلطة أن تقرر هل تريد التعديل أو الإلغاء أو الإبقاء على باريس الاقتصادي”.
وتساءل الاقتصادي توفيق نصار عن مغزى هذه الخطوات التي يرى فيها محاولات من وزارة المالية لزيادة الجباية من خلال تعديلات في اتفاق باريس، مطالبا السلطة بالذهاب للحوار بوجهة نظر الاقتصاديين بكل شرائحهم.
ودعا لتشكيل لجان حوار داخلية من الحكومة والقطاع الخاص، مطالبا بإزالة الضريبة المضافة عن السلع الأساسية في المفاوضات وإزالة الجمارك عن مشتقات البترول.